فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإعراب:

{وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} عطف أو استئناف لذكر القصة الرابعة، وان واسمها والياس علم أعجمي وستأتي ترجمته في باب الفوائد واللام المزحلقة والمرسلين خبر.
{إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ} إذ ظرف لما مضى من الزمن متعلق بفعل محذوف تقديره اذكر، واختار بعضهم تعليقه بالمرسلين وجملة قال في محل جر بإضافة الظرف إليها ولقومه جار ومجرور متعلقان بقال والهمزة للاستفهام ولا نافية وتتقون فعل مضارع مرفوع وفاعل والجملة مقول القول.
{أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ} الهمزة للاستفهام الانكاري وتدعون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل وبعلا مفعول به والواو عاطفة وتذرون عطف على تدعون ويجوز أن تكون حالية والجملة في محل نصب على الحال وأحسن الخالقين مفعول به.
{اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} لفظ الجلالة بدل من أحسن الخالقين فهو منصوب وربكم بدل من اللّه ورب آبائكم الأولين عطف فالكلمات الثلاث منصوبة وقرئ بالرفع على أنها أخبار لمبتدأ محذوف أي هو أو اللّه مبتدأ وربكم خبره ورب آبائكم الأولين عطف على ربكم.
{فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} الفاء عاطفة وكذبوه فعل وفاعل ومفعول به والفاء في فإنهم الفصيحة وان واسمها واللام المزحلقة ومحضرون خبر إن.
{إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} إلا أداة استثناء وعباد اللّه استثناء متصل من فاعل فكذبوه والمخلصين نعت لعباد اللّه.
{وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} تقدم إعرابها قريبا فجدد به عهدا.
{سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ} تقدم إعرابها.
{إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} تقدم إعرابها أيضا.

.الفوائد:

في قصة إلياس النبي طرافة ومتعة وتصوير فني ليكون وسيلة للتأثير الوجداني فهي تخاطب حاسة الوجدان الدينية بلغة الجمال الفنية لأن القصة في القرآن ليست عملا فنيا مستقلا في موضوعه وطريقة أدائه وعرضه وسرد حوادثه، وقبل أن نبدأ بتلخيص القصة كما روتها السير نبدأ بذكر لمحة عن إلياس النبي فقد ذكر أهل التفسير أنه نبي من أنبياء بني إسرائيل قال محمد بن إسحق: هو إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران واللّه أعلم وجاء في المنجد للآداب والعلوم انه إيليا النبي من أنبياء بني إسرائيل حارب العبادات الوثنية التي أدخلتها في إسرائيل ايزابيل زوجة آحاب فنفي إلى صرفت حيث رد إلى الحياة ابن امرأة أرملة وبإذن اللّه أهطل المطر على الأرض بعد انقطاعه عنها ثلاث سنوات قرب جبل الكرمل وخذل كهنة بعل وعشروت وأمر بقتلهم فلحقته ايزابل بوابل غضبها فهرب إلى صحراء سيناء ثم عاد فتنبأ لآحاب بانتقام اللّه عليه لأنه اغتال نابوت وأخذ كرمه رفع إلى السماء على مركبة نارية خلفه بالنبوة تلميذه اليشع.
وفيما يلي ما ذكره محمد بن إسحق وعلماء السير والأخبار ملخصا:
لما قبض اللّه حزقيل النبي عظمت الأحداث في بني إسرائيل وظهر فيهم الفساد ونصبوا الأصنام فبعث اللّه إليهم إلياس نبيا وكان يوشع لما فتح الشام قسمها على نبي إسرائيل وان سبطا منهم حصل في قسمته بعلبك ونواحيها وعليهم ملك يومئذ اسمه ارحب وكان قد أضل قومه وكان له صنم من ذهب اسمه بعل فغضب الملك على إلياس وهمّ بتعذيبه وقتله فلما أحس إلياس بالشر خرج هاربا ولاذ بشواهق الجبال وصعيد المغاور وظل سبع سنين هائما يفترش الأرض ويتوسد الحجارة ويأكل من نبات الأرض وثمار الشجر وكانوا قد وضعوا عليه العيون فلما طال عليه الأمر وضاق ذرعا دعا ربه فقيل انظر يوم كذا وكذا فاخرج إلى موضع كذا فما جاءك من شيء فاركبه فخرج إلياس ومعه اليسع حتى إذا كان بالموضع الذي أمر به إذ أقبل فرس من نار فوثب عليه فانطلق به الفرس فناداه يا إلياس ما تأمرني؟ فقذف إليه إلياس بكسائه من الجو فكان ذلك علامة استخلافه إلى آخر تلك القصة البديعة التي تصور الجهاد في سبيل العقيدة والثبات على المبدأ.

.[سورة الصافات: الآيات 133- 138]:

{وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلاَّ عَجُوزًا فِي الْغابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (138)}.

.الإعراب:

{وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} وهذه هي القصة الخامسة، والواو استئنافية أو عاطفة وإن واسمها واللام المزحلقة ومن المرسلين خبرها.
{إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ} الظرف متعلق بمحذوف تقديره اذكر وجملة نجيناه من الفعل والفاعل والمفعول في محل جر بإضافة الظرف إليها وأهله مفعول معه أو عطف على الهاء وأجمعين تأكيد.
{إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغابِرِينَ} إلا أداة استثناء وعجوزا مستثنى وفي الغابرين صفة.
{ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ} ثم حرف عطف للترتيب مع التراخي ودمرنا الآخرين فعل ماض وفاعل ومفعول به وهم كفار قومه.
{وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ} الواو عاطفة أو حالية وان واسمها واللام المزحلقة وتمرون فعل مضارع وفاعل وعليهم متعلقان بتمرون ومصبحين حال وهي تامة.
{وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} الواو عاطفة وبالليل عطف على مصبحين فهو حال أخرى والحال هنا محمول على المكان والباء للملابسة والهمزة داخلة على مقدر عطف عليه قوله فلا تعقلون والتقدير تشاهدون ذلك فلا تعقلون أي تعتبرون به.

.[سورة الصافات: الآيات 139- 156]:

{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (148) فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثًا وَهُمْ شاهِدُونَ (150) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (156)}.

.اللغة:

{أَبَقَ}هرب من قومه بغير إذن ربه وهو للعبد خاصة إذ يهرب من سيده ولكن أطلق على يونس على طريق الاستعارة التصريحية التبعية أو على طريق المجاز المرسل والعلاقة هي استعمال المقيد في المطلق وفي المصباح: أبق العبد أبقا من بابي تعب وقتل في لغة والأكثر من باب ضرب إذا هرب من سيده من غير خوف ولا كد والإباق بالكسر اسم منه فهو آبق والجمع أبّاق مثل كافر وكفار.
{الْمُدْحَضِينَ} المغلوبين بالقرعة، وساهم أي قارع وغالب أهل السفينة بالقرعة، وستأتي قصة يونس مختصرة في باب الفوائد.
{مُلِيمٌ} داخل في الملامة يقال: ألام فلان إذا فعل ما يلام عليه وفي المصباح: لامه لوما من باب قال: عذله فهو ملوم على النقص والفاعل لائم والجمع لوم مثل راكع وركع وألامه بالألف لغة فهو ملام والفاعل مليم والاسم الملامة والجمع ملاوم واللائمة مثل الملامة وألام الرجل إذا فعل ما يستحق عليه اللوم وتلوّم تلوما: تمكث.
{العراء} المكان الخالي لا شجر فيه ولا شيء يغطيه وهو مشتق من العري وهو عدم السترة شبهت الأرض الجرداء بذلك لعدم استتارها بشيء العرا بالقصر الناحية ومنه اعتراه أي قصد عراه وعبارة القاموس: العراء الفضاء لا يستتر فيه بشيء وجمعه إعراء وأعرى سار فيه وأقام.
{يَقْطِينٍ} قال في القاموس: ما لا ساق له من النبات ونحوه وبهاء: القرعة الرطبة وعبارة الزمخشري: واليقطين كل ما ينسدح على وجه الأرض ولا يقوم على ساق كشجرة البطيخ والقثاء والحنظل وهو يفعيل من قطن بالمكان إذا أقام به وقيل هو الدباء وانما خص القرع لأنه يجمع بين برد الظل ولين الملمس وكبر الورق وان الذباب لا يقربه.

.الإعراب:

{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}.
استئناف أو عطف مسوق لسرد القصة السادسة وهي قصة يونس عليه السلام وسأتي خلاصة وافية عنها في باب الفوائد، وان واسمها واللام المزحلقة ومن المرسلين خبر إن.
{إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} إذ ظرف للمرسلين أي هو من المرسلين حتى في هذه الحالة وجملة أبق في محل جر باضافة الظرف إليها والى الفلك جار ومجرور متعلقان بأبق والمشحون نعت.
{فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} الفاء عاطفة وساهم فعل ماض وفاعله ضمير مستتر تقديره هو فكان عطف على فساهم واسمها مستتر تقديره هو ومن المدحضين خبر كان.
{فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} الفاء عاطفة على محذوف يدرك من سياق الكلام أي فألقوه في البحر فالتقمه الحوت، وقيل فألقى نفسه في الماء. والتقمه فعل ومفعول به مقدم والحوت مبتدأ مؤخر والواو للحال وهو مبتدأ ومليم خبر والجملة في محل نصب على الحال والمعنى أنه أتى ما يستحق عليه اللوم.
{فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} الفاء عاطفة ولولا حرف امتناع لوجود وان وما في حيزها مبتدأ خبره محذوف وجوبا وأن واسمها وجملة كان خبرها واسم كان مستتر تقديره هو ومن المسبحين خبرها.
{لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} اللام واقعة في جواب لولا ولبث فعل ماض وفاعله ضمير مستتر تقديره هو وفي بطنه متعلقان بلبث أو بمحذوف حال أي مستقر والى يوم متعلقان بلبث وجملة يبعثون مضاف إليها الظرف ويبعثون فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل.
{فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} الفاء عاطفة على محذوف أي أمرنا الحوت بنبذه فنبذناه، ونبذناه فعل وفاعل ومفعول به وبالعراء متعلقان بنبذناه والواو حالية وهو مبتدأ وسقيم خبر أي معتل مما حلّ به.
{وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} وأنبتنا عطف على فنبذناه وعليه متعلقان بأنبتنا وشجرة مفعول به ومن يقطين نعت لشجرة.
{وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} الواو حرف عطف وأرسلنا فعل وفاعل ومفعول به والى مائة ألف متعلقان بأرسلناه وأو حرف عطف ويزيدون فعل مضارع مرفوع وسيأتي القول مفصلا في أو في باب الفوائد.
{فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ} الفاء عاطفة وآمنوا فعل ماض مبني على الضم والواو فاعل والفاء عاطفة ومتعناهم فعل وفاعل ومفعول به والى حين متعلقان بمتعناهم.
{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} الفاء حرف عطف عطفت هذه الجملة على قوله فاستفتهم وان بعد المدى قال البيضاوي: {فاستفتهم} معطوف على مثله في أول السورة فأمر أولا باستفتائهم عن وجه انكار البعث وساق الكلام في تقديره جارا لما يلائمه من القصص موصولا بعضها ببعض ثم أمر باستفتائهم عن وجه القسمة حيث جعلوا للّه البنات ولأنفسهم البنين في قولهم الملائكة بنات اللّه وقد تقدم أن الفاء الأولى هي الفصيحة لأنها واقعة في جواب شرط مقدر وقد ثار نقاش حول هذا العطف البعيد سنفصل فيه القول في باب الفوائد. واستفتهم فعل أمر وفاعل مستتر تقديره أنت والهاء مفعول به والهمزة للاستفهام الإنكاري وسيأتي معناه في باب البلاغة ولربك خبر مقدم والبنات مبتدأ مؤخر والواو حرف عطف ولهم خبر مقدم والبنون مبتدأ مؤخر.
{أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثًا وَهُمْ شاهِدُونَ} أم حرف عطف معادلة للهمزة كأن المستفهم يدعي ثبوت أحد الأمرين ويطلب تعيينه منهم قائلا: أي هذين الأمرين تدعونه. وخلقنا فعل وفاعل والملائكة مفعول به وإناثا حال والواو للحال وهم مبتدأ وشاهدون خبر والجملة نصب على الحال.
{أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ} كلام مستأنف مسوق لإبطال مذهبهم الفاسد ببيان انه افك صريح لا دليل يدعمه وألا أداة تنبيه وان واسمها ومن إفكهم متعلقان بيقولون واللام المزحلقة وجملة يقولون خبر إنهم.
{وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} ولد اللّه فعل وفاعل والجملة مقول قولهم والواو للحال وان واسمها واللام المزحلقة وكاذبون خبرها.
{أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ} الهمزة المفتوحة للاستفهام الانكاري استغنى بها عن همزة الوصل في التوصل للنطق بالساكن، واصطفى فعل ماض والفاعل مستتر تقديره هو يعود على اللّه والبنات مفعول به وعلى البنين متعلقان باصطفى بعد تضمينه معنى أفضل.
{ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} ما اسم استفهام ولكم خبر أي ما ثبت واستقر لكم على جهة الإنكار والجملة مستأنفة وكيف اسم استفهام في محل نصب على الحال أو المفعولية المطلقة وتحكمون فعل مضارع وفاعل والجملة مستأنفة أيضا فليس لإحدى الجملتين تعلق بالأخرى.
{أَفَلا تَذَكَّرُونَ} الهمزة للاستفهام الانكاري أيضا والفاء عاطفة على محذوف مفهوم من السياق أي أعميتم عن الحقائق وضللتم عن الشواهد، ولا نافية وتذكرون فعل مضارع مرفوع وفاعل وأصله تتذكرون ومفعول تذكرون محذوف تقديره أنه منزه عن الولد.
{أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ} أم حرف عطف بمعنى بل فهو للاضراب الانتقالي ولكم خبر مقدم وسلطان مبتدأ مؤخر ومبين نعت لسلطان.

.البلاغة:

في هذه الآيات يبدو الأسلوب المكي واضح الدلالة، ظاهر المفهوم، مرهف العاطفة فقد تكرر فيه الاستفهام الانكاري، ناعيا عليهم جهلهم المفرط في الغباء، القائم على ثلاث جهالات: أولاها التجسيم لأن الولادة من خصائص الأجسام وثانيتها تفضيل أنفسهم على ربهم حيث جعلوا أوضع الجنسين في اصطلاحهم ومفهومهم له وأرفعهما لهم وتلك جهالة ما بعدها جهالة وثالثتها أنهم استهانوا بأكرم خلق اللّه وأقربهم إليه حيث أنثوهم وقد كانوا يتعايرون بوصف الأنوثة ويعتبرونه من دلائل المهانة وسمات الخسة.

.الفوائد:

1- اختلف في أو هذه اختلافا كثيرا فقال الفراء: معناها بل يزيدون فتكون عنده للإضراب ويكون الإخبار الأول بحسب ما يظهر للناس إذا رأوهم والثاني إضراب لما في الواقع ونفس الأمر فالمعنى أرسلناه إلى جماعة يحزرهم الناس مائة الف وهم أزيد من ذلك وفيه نكتة جليلة وهي الانتقال من الأدنى إلى الأعلى لما له من الوقع في النفس ولفت النظر إليه بخلاف ما إذا أخبر بالأعلى من أول الأمر، وقال بعض الكوفيين هي بمعنى الواو، أما البصريون فلهم فيها أقوال:
1- قيل هي للإبهام.
2- وقيل هي للتخيير أي إذا رآهم الرائي تخير بين أن يقول هم مائة ألف أو يقول هم أكثر، قال ابن هشام: نقل ابن الشجري هذا القول عن سيبويه وفي ثبوته عنه نظر ولا يصح التخيير بين شيئين الواقع أحدهما.
3- وقيل هي للشك مصروفا إلى الرائي.
4- وقيل إنها للإباحة أي لك أن تحزرهم وتقدر عددهم كيف تشاء.
5- وقيل هي للشك بمعنى أن أصدق الحادسين يشك في عددهم.
وأحسن ما قرأناه قول الزمخشري: في مرآى الناظر أي إذا رآها الرائي قال هي مائة ألف أو أكثر والغرض الوصف بالكثرة.
2- العطف البعيد:
قوله: {فاستفتهم} الآية معطوف على ما قبله وهو قوله: {فاستفتهم أهم أشد خلقا} وقد منع النحاة الفصل بجملة فما بالك بجمل بل بسورة، ولكن ما استقبحه النحاة وارد في عطف المفردات وأما الجمل فلاستقلالها يغتفر فيها وهذا الكلام لتلاحمه وتعانقه صار بمثابة الجملة الواحدة فانتفى عنه البعد.
3- خلاصة قصة يونس:
غاضب ذو النون قومه لما لم ينزل بساحتهم العذاب الذي وعدهم به فذهب مغاضبا وكان من حقه أن لا يذهب فقد كان ضيق العطن قليل الذرع ولما ركب السفينة وقفت في لج البحر فقال ملاحوها هنا عبد أبق من سيده تظهره القرعة وكان من عادتهم أن السفينة إذا كان منها آبق أو مذنب لم تسر وكان ذلك بدجلة لأنه أرسل إلى أهل نينوى من أرض الموصل فلما ساهم أي قارع أهل السفينة كان من المغلوبين بالقرعة فألقوه في البحر فابتلعه الحوت إلى آخر تلك القصة البديعة.